العربي الجديد- كانت المشاهد التي يرويها الصحفي اليمني يوسف عجلان تتقاطع مع تنهيداته. على طاولة مستطيلة جلس أمامها ناشطون حقوقيون من بلدان عدة، بدأ عجلان، الناجي من معتقلات الحوثيين، رواية ما حدث "كان جحيماً وعذاباً طال لأكثر من عام".
لم يستطع عجلان (30 عاماً) بينما كان يدلي بشهادته حول مأساة اختطافه، خلال ندوة أقيمت في مقر مجلس حقوق الإنسان في جنيف، نسيان مرارة ما تعرّض له في سجون الحوثيين في صنعاء "لست قاتلاً أو لصاً أو مجرماً، أنا صحافي مسالم، لم أرفع مسدساً أو سلاحاً".
تعرّض الصحفي يوسف عجلان، الذي بدأ مهنة الصحافة في موقع "المصدر أونلاين" الإخباري المحلي في عام 2008، لثلاث عمليات اختطاف من قبل الحوثيين، لكنه أفلت في اختطافه الثاني بعد إرغامه على توقيع تعهّد بعدم العودة لمزاولة العمل في الصحافة.
وقال عجلان "عندما اختطفت للمرة الثانية أجبرني الحوثيون على كتابة تعهّد ينص على أن أتوقف عن الكتابة والصحافة، ويومها أيضاً اقتحموا مقر عملي ونهبوا كل شيء فيه، هذا الأمر دفعني إلى ترك عملي وشراء سيارة أجرة للعمل عليها".
وتواصل مليشيا الحوثيين التي تسيطر على العاصمة صنعاء ومدن عدة منذ سبتمبر/أيلول من عام 2014، اختطاف 13 صحافياً. وأكدت تقارير حقوقية تعرّضهم للتعذيب وإحاطة غموض حول مصيرهم بعد تدهور صحة عدد منهم.
وكشفت نقابة الصحفيين، في أحدث تقاريرها، عن رصد 300 انتهاك ضد الحريات الصحفية، منذ مطلع العام الماضي، تصدّر الحوثيون قائمة المنتهكين بـ204 حالات، تليهم جهات حكومية تابعة للشرعية اليمنية بنحو 54 حالة انتهاك، فيما قُدرت انتهاكات التحالف العربي بثماني حالات.
ودعا أمين عام الاتحاد الدولي للصحافيين، في يناير/كانون الثاني، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى أخذ هذه الانتهاكات "الفظيعة" على محمل الجد، وتذكير كافة الأطراف المشاركة في الحرب في اليمن بضرورة التزامها بقرارات مجلس الأمن الدولي والذي يحمي الصحفيين العاملين في مناطق الصراع، بما في ذلك اليمن".
وقال عجلان "في مساء الـ13 من أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016، وعندما أوقفت سيارتي بجوار منزلي وترجّلت زوجتي من السيارة، فوجئت بأربعة مسلحين يوجهون أسلحتهم باتجاهي، كان موقفاً مرعباً، شعرت أنني لن أرى عائلتي مرة أخرى".
وتابع، وتنهيداته تقطع شهادته، "6 سجون تنقّلت بينها، ووُضعت في زنزانة انفرادية، مترين في متر، وكان بجواري شخص مدان بجريمة قتل. كان الوضع مخيفاً، زنزانة مظلمة وقاتل بجواري، ولا فرش أجلس عليه أو غطاء يقيني من البرد الشديد، بل لم يُسمح لي بدخول الحمام لأيام، وهو ما تسبب لي في مشاكل صحية أعاني منها حتى الآن".
وأضاف "6 مرات تم التحقيق معي، عُذبت خلالها، واستُخدمت معي طريقة (الشواية)، حيث تم تعليقي بوضع يديّ ورجليّ مع بعضها ووضع عصا في قدمي وتعليقي، مع ضربي بشكل مبرح. كانت الدماء أحيانا تسقط من وجهي من شدة الضرب. وفي إحدى المرات، هددني المحقق باغتصابي إذا لم أعترف له بأشياء لا أعلم عنها شيئاً، لم يكتف بذلك.. هدد بتصفية طفلتي التي تبلغ من العمر حينها عامين، وحرماني منها، إضافة إلى تصفية زوجتي ووالدي".
وأطلقت مليشيا الحوثيين سراح عجلان، منتصف ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ضمن صفقة لتبادل أسرى الحرب مع الحكومة اليمنية في محافظة مأرب (وسط اليمن)، "أنا محظوظ لأني على قيد الحياة.. عندما خرجت من سجن الشرطة العسكرية في صنعاء الذي تعرّض لغارة جوية بعد أيام فقط من خروجي، بعدما كان الحوثيون قد وضعونا في ذلك المكان كدروع بشرية".
وقال عجلان لـ"العربي الجديد"، "لاحظت استغراباً كبيراً من منظمات دولية ومن مقررين تابعين لمجلس حقوق الإنسان عما يحدث، بسبب ضعف وصول المعلومات إليهم، واكتفاء المنظمات المدنية والحكومية بأرقام وإحصاءات".
وأضاف "منذ إطلاق سراحي، تم إبعادي عن أسرتي وعن المدينة التي وُلدت فيها. أنا في حكم المشرد.. لم يعد لديّ عمل.. ولا منزل ولا وطن".