الموقع بوست- بينما يحتفل العالم بيوم حرية الصحافة، يعيش الصحافيون، في اليمن أسوأ أيامهم، إذ تحوّلت البلاد إلى مقابر وسجون كبيرة لصحافيين وناشطين وإعلاميين.
وللعام الرابع على التوالي يحل اليوم العالمي للصحافة، والذي يصادف الـ 3 من مايو/ آيار، والعمل الصحفي في اليمن يمر بظروف قاسية واستهداف مباشر من أطراف الصراع.
منظمات دولية وحقوقية قالت في تقارير سابقة لها إن اليمن أصبحت ساحة رئيسية لتكميم الأفواه واستهداف الإعلاميين، فضلًا عن أنها سُجلت كواحدة من أسوأ البلدان في انتهاك حقوق الصحفيين.
وتشير نقابة الصحفيين اليمنيين، في آخر إحصائياتها إلى أن نحو 27 صحفيًا لقوا مصرعهم منذ إعلان قوات التحالف العربي العملية العسكرية في اليمن في أواخر شهر مارس/آذار من عام 2015.
وذكر مرصد الصحافة الأوروبية، في تقرير له السبت الماضي، ونقله للعربية "الموقع بوست إلى أنه في بلد مثل اليمن، حيث تنتهك حقوق الإنسان الأساسية في كثير من الأحيان، يعرض الصحفيون، وخاصة المراسلين الحربيين حياتهم للخطر، حين ينقلون المعلومات من الخطوط الأمامية للصراع ويوضعون دائما تحت الضغط، وفي أحيان كثيرة لا يتمكنون من الإفصاح عن الحقيقة بسبب مجموعة متنوعة من الفاعلين السياسيين الذين يحاولون التحكم في نشاطاتهم، كما أن بعض وسائل الإعلام، المتحيزة إلى طرف من أطراف الصراع، تقيد ما يمكن نشره.
وأكد أن الصحفيين والمراسلين أصبحوا هدفاً لهجمات من أطراف متورطة في النزاع، حيث يواجهون قيوداً لمجرد قيامهم بعملهم، مثل منعهم من الوصول إلى أجزاء مختلفة من البلاد.
الكرة في ملعب المبعوث الأممي
طالبت وزير حقوق الإنسان اليمنية السابقة "حورية مشهور"، بإطلاق سراح المعتقلين وفِي مقدمتهم الإعلاميين.
وأشارت "مشهور"، في تصريح لـ "للموقع بوست"، إلى أن هذه الخطوة يمكن أن يعبر بها الحوثيين عن الرغبة الأكيدة والمخلصة في بناء السلام المنشود.
ودعت "مشهور"المبعوث الأممي الجديد "مارتن غريفيث"، إلى أن يضع قضية المختطفين في قلب أجندته مشيرة إلى أنها ستكون مؤشراً واضحاً لنجاح مهمته في اليمن.
وقالت في تصريحها ونحن على أعتاب شهر كريم تتجسد فيه كل القيم العظيمة للرحمة والتسامح والتكافل، أتمنى أن يكون كفيل بتليين قلوب من بيدهم الأمر للقيام بهذه الخطوة الشجاعة وإدخال الفرح والسرور إلى قلوب أسر المعتقلين وخاصة أمهاتهم وبناتهن اللاتي لم يوفرن وسيلة أو طريق إلا وسلكنه من أجل انتزاع حق أبنائهن وأبائهن في الحرية والسلامة.
وأشادت بالجهود التي بذلتها نقابة الصحفيين اليمنيين، مفيدة أنها بذلت،جهوداً كبيرة لتوثيق معاناة الصحفيين واعتلت المنابر الدولية موضحاً الإنتهاكات الخطيرة التي تعرض لها الصحفيين وأودت بحياة بعضهم ومازال يخوض معركة لا هوادة فيها مع زملائهم الصحفيين.
واعتبرت "مشهور" أن جهود الإتحاد الدولي للصحفيين لم تكن كافية، وكذلك المنظمات الدولية ذات العلاقة وفِي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان وكذلك المقررين الخواص والمعنيين بحرية الإعلام وكذلك اللجان المعنية بمتابعة تنفيذ المعاهدات والاتفاقيات الدولية وأخص بالذكر اللجنة المعنية بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
وبينت أن نصوص القانون الدولي واضحة وصريحة تحرم التعرض للصحفيين ومنعهم من مزاولة نشاطهم في نقل الحقيقة.
ساحة رئيسية لتكميم الأفواه
وفي الـ 19 من شهر إبريل الماضي، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، في بيانا له، إن اليمن أصبحت ساحة رئيسية لتكميم الأفواه واستهداف الإعلاميين، فضلًا عن أنها سُجلت كواحدة من أسوأ البلدان في انتهاك حقوق الصحفيين.
وأفاد المرصد إنه وخلال الربع الأول من عام 2018، وصلت حالات الاعتداءات على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في اليمن إلى 60 حالة، منها حوالي 29 حالة اختطاف واعتقال.
وتقول منظمة "رايتس رادار" إن حرية التعبير وحرية الصحافة في اليمن، تواجه اسوأ حملة قمع في اليمن من قبل مقاتلي الحوثي في المحافظات الشمالية ومن قبل القوات الموالية لدولة الامارات في المحافظات الجنوبية.
وبينت المنظمة أنه تم الاغارة على أكثر من 60 من وسائل الاعلام ونهبها واستغلالها واغلاقها، كما قتل 24 صحفيا والمهنيين في وسائط الاعلام، معظمهم من مقاتلي الحوثي.
وأكدت المنظمة أن جماعة الحوثي، اعتقلت عشرات الصحفيين في العاصمة صنعاء وفي مدن اخرى تحت سيطرتها.
إرهاب الصحافة
ويذهب رئيس التدريب والتأهيل في نقابة الصحفيين اليمنيين، "نبيل الأسيدي"، إلى أن الحديث عن اليوم العالمي للصحفيين في اليمن وعن الحريات الصحفية وعن الأحلام الصحفية، وعن مستقبل الصحافة وعن مستقبل العمل المهني والصحفي أصبح أمر مؤلما جدا.
وأشار "الأسيدي" في تصريح لـ "الموقع بوست"، إلى أننا وصلنا إلى مرحلة تدمير كافة مداميك العمل الصحفي والأخلاقي والمهني في اليمن.
وأكد أن ثلاث سنوات من الحرب جعلت الأقلام تتحول إلى بنادق، وكل شيء في العمل الصحفي أصبح أمرا صعبا لافتا إلى أن الصحفيين في اليمن الأكثر تضررا من الحرب فهناك 26 صحفيا قتلوا خلال الثلاث السنوات الماضية إما بالقصف الجوي أو القنص المباشر من قبل ميليشيات الحوثي وصالح سابقا.
وبين أن ميليشيات الحوثي تواصل حاليا، حربها ضد الصحفيين والصحافة، بحملة الإعتداءات على الصحفيين الذي كانوا موالين لصالح.
وأوضح "الأسيدي"، أن الصحافة والصحفيين في اليمن سيظلون يدفعون فاتورة كبيرة لهذه الحرب.
وأكد "خلال ثلاثة أعوام نتحدث عن اليوم العالمي للصحافة، عن ماذا كنا نتحدث عن المؤسسات الإعلامية التي تم نهبها والتي تم الإستيلاء عليها بقوة السلاح من قبل الميليشيات الحوثية".
واعتبر "الأسيدي" أن ذلك الخطاب دعوة للقتل وللإنتهاكات التي تمت فيما بعد،مشيرا إلى أن الهدف كان واضحا اغتيال الشهود وكتم الحقيقة، إرهاب الصحافة والصحفيين حتى يرتكبوا كل تلك المجازر بحق الشعب اليمني لأنهم أرهبو صاحبة الجلالة.
الحكومة الشرعية أخفقت
وفي سياق متصل، أفاد " الأسيدي" في الجانب الآخر نتذكر الحكومة الشرعية، التي لم تفعل شيء لوقف هذه المأساة باستعادة وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن تلفزيون وإذاعة عدن لا تبث من داخل عدن، وكذلك صحيفة الجمهورية وإذاعة تعز وغيرها من الإذاعات المحلية في المناطق المحررة ووسائل الإعلام والصحف التي كانت في تلك المناطق لم تعود للعمل.
وأوضح أن العشرات من زملائنا الصحفيين يقبعون في منازلهم، ولم تراعي الحكومة الشرعية الكارثة ولم تكن بحجم الكارثة التي حلت بالصحفيين المشردين في الداخل والخارج.
وتابع: كذلك لم تقدم أي شيء لأسر الشهداء والضحايا والصحفيين والمعتقلين ولم تقوم بواجبها تجاه أسرهم والدفاع عنهم مشيرا إلى أن هناك صحفيون جرحى ومرضى وهي تصم الآذان عنهم ومنشغله بتغيير هيكلها الإداري.
الحكومة مسؤولة عن الإنتهاكات جنوبي اليمن
وعن الإنتهاكات التي طالت الصحفيين جنوبي اليمن، أكد "الأسيدي" أن الإعتقالات التي تمت من قبل تشكيلات مسلحة تتبع شكليا الحكومة وتنفيذيا الإمارات هذه الجماعات المسلحة هي إحدى أدوات القمع الجديدة.
وطالب الجماعات المسلحة المدعومة من "أبوظبي" بالتوقف فورا عن تلك الإنتهاكات، مؤكد في الوقت ذاته أن الحكومة الشرعية موقعة على كافة الإتفاقيات التي تحمي الحريات الصحفية وبالتالي هي المسوؤل الأول والأخير عن تلك الانتهاكات.
وبين "الأسيدي" أن نقابة الصحفيين، تدعو جميع منتسبيها وزملاء المهنة، إلى احياء اليوم العالمي للصحافة، إطلاق صوتهم والتضامن مع زملائهم المعتقلين والجرحى والشهداء وأسرهم، وأن يكون يوما للتضامن يوما للصحافة وهيبتها الإعلامية.
مهنة البحث عن المتاعب
يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، "محمد الغابري"، أن الصحافة أطلق عليها السلطة الرابعة لأنها مهنة البحث عن المتاعب.
وأشار "الغابري" في تصريح لـ "الموقع بوست"، إلى أن الصحافيين يسلطون الأضواء على الكثير من الجوانب والزوايا المظلمة.
وأضاف "وعلى الرغم من انهم ينقلون أحداثا لم يصنعونها إلا أن كثير من السلطات والعصابات الذين يمارسون الإجرام يعملون من أجل طمس الحقائق واسكات الصحفيين حبسا أو قتلا أو إعاقة".
وقال "الغابري" إن الأمم المتحدة لا تولي المعاناة التي يواجهها الصحفي في اليمن أي اهتماما أو عناية تليق به وخاصة ماهو متاح السعي لإطلاق المختطفين والمعتقلين.
وأكد أن الصحافة في اليمن ووسائل الإعلام ستظل مهددة مهدد مالم يكن هناك جدية دولية لحمايتهم.
ولفت إلى أنه وعلى سبيل المثال القمع الذي تعرض له الصحفيين في بعض المناطق الجنوبية من قبل الميليشيات التي تدعمها "أبوظبي" تهدف من خلالها، إلى احتكار الاخبار وعدم السماح بنقل الحقائق كونها تدرك أن ممارساتها غير قانونية فتخفيها بممارسات أخرى غير قانونية.