قناة بلقيس - خاص - نشوان علي: "نطالب بمحاسبة ومحاكمة كل من ارتكب جريمة ضد الصحفيين"، بهذه العبارات وجَّه الصحفي اليمني المُفرج عنه من سجون مليشيا الحوثي، عصام بلغيث، مع 4 آخرين من زملائه رسالة إلى العالم الذي يحتفي بـ"اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين".
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، إبّان انعقاد دورتها الثامنة والستين في عام 2013، قراراً بتحديد 2 نوفمبر من كل عام "يوماً دولياً لإنهاء الإفلات من العِقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين"، اعترافاً بالنتائج البالغة الأثر للإفلات من العِقاب، لاسيما الإفلات من العِقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين.
وقال الصحفيون الخمسة؛ هيثم الشهاب، حسن عناب، هشام طرموم، هشام اليوسفي، عصام بلغيث، في رسالتهم: "يجب ألا يفلت المنتهكون لحرية الصحافة من العِقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في اليمن".
وقال رئيس لجنة التدريب والتأهيل في نقابة الصحفيين اليمنيين، نبيل الأسيدي، في تصريح خاص لـ"بلقيس": "يأتي هذا اليوم والصحفيون في اليمن يعانون المزيد من الانتهاكات، ولا يوجد من يوقفها أو حتى من يحاسب مرتكبيها".
وأكد الأسيدي - الذي اختير مؤخراً ضمن أبرز عشرة أصوات عالمية مدافعة عن حقوق الصحفيين والحريات الصحفية - أن "عدم ملاحقة منتهكي حرية الرأي والتعبير والمعتدين على الصحافة والصحفيين تجعل الآخرين يتمادون بشكل أكبر ويعبثون بالحريات الصحفية".
واعتبر الأسيدي أنه "في ظل هشاشة الدولة وغياب المؤسسة القضائية والنيابية وغيرها تظل حالة العداء المفرط ضد الصحافة حاصلة، وتزداد يومياً بعد يوم".
- أبشع كوابيس
من جهته، اعتبر المركز الأمريكي للعدالة في بيان صادر عنه – اطّلعت عليه قناة "بلقيس" - أن الوسط الإعلامي والصحفي في اليمن يعيش ما اعتبرها "أبشع كوابيسه" على الإطلاق منذ انقلاب مليشيا الحوثي في سبتمبر 2014.
وقال المركز الأمريكي، في بيانه، إن مليشيا الحوثي "دشّنت منذ انقلابها حملة انتهاكات شرسة من الاعتداءات وحملات المداهمة والنّهب والترويع والإرهاب والاختطافات واقتحام البيوت والمؤسسات والمكاتب والتعذيب حتى الموت، والقنص المباشر والقصف بالسلاح الثقيل، وصولاً لاستخدام الصحفيين المعتقلين دروعاً بشرية في مخازن السلاح".
في السياق، طالبت 33 منظمة حقوقية، اليوم الثلاثاء، في بيان مشترك بالتزامن مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العِقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، بضرورة ملاحقة مرتكبي الانتهاكات ضد الصحفيين اليمنيين.
وقالت المنظمات، في بيانها، إن كثيراً من المدن اليمنية "تحوّلت إلى مناطق مغلقة للصوت الواحد، وغاب التنوع الإعلامي الذي كانت تتمتع به اليمن في كثير من المدن"، مؤكدة أنه "في الوقت الذي يعمل العالم على إيقاف ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات ضد الصحفيين، مورس ما يقارب من ثلاثة آلاف انتهاك ضد حرية الصحافة والتعبير في اليمن، خلال السنوات السبع الماضية".
- محاسبة المنتهكين
وطالبت المنظمات الحقوقية المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحرية الرأي والتعبير بـ"مضاعفة جهودها من أجل محاسبة منتهكي حرية الصحافة والتعبير في اليمن، وترسيخ أُسس المساءلة ومساندة الصحفيين، والتضامن معهم في هذه الظروف العصيبة، حتى يتمكنوا من القيام بدورهم في تعزيز الشفافية والديمقراطية ومناهضة العنف وانتهاكات حقوق الإنسان".
وشددت المنظمات، في بيانها، على "ضرورة إطلاق سراح الصحفيين المعتقلين كخطوة مُلحة وضرورية، والعمل من أجل عدم الإفلات من العِقاب على الجرائم ضد الصحفيين، باعتباره أحد أهم الضمانات المهمة لحرية التعبير والوصول إلى المعلومات لجميع المواطنين".
وكشف تقرير سابق لنقابة الصحفيين اليمنيين أن الحريات الإعلامية في اليمن تعرّضت -منذ بداية الحرب وحتى نهاية العام 2020- لأكثر من 1400 انتهاك، بينها 45 حالة قتل طالت صحفيين ومصوّرين وعاملين في وسائل الإعلام، ونزوح قرابة 700 صحفي من مناطق سيطرة مليشيا الحوثي إلى مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
ووثّقت النقابة في تقرير حديث صادر عنها - اطّلعت عليه "بلقيس" - 28 حالة انتهاك تعرّض لها الصحفيون والمؤسسات الإعلامية خلال الربع الثالث من العام الجاري، منها 8 حالة اختطاف واعتقال وملاحقة، و4 حالات تعذيب لصحفيين في المعتقلات، و4 حالات حرمان من التطبيب والرعاية الصحية للمختطفين، و4 حالات تهديد وتحريض على صحفيين.
وأكدت النقابة أن مليشيا الحوثي ارتكبت 13 حالة انتهاك من إجمالي الانتهاكات، فيما ارتكبت الحكومة -بمختلف تشكيلاتها وهيئاتها- 8 حالات، وارتكبت مليشيا تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي 3 حالات، فيما ارتكبت جهات مجهولة 3 حالات.
وقالت النقابة إنه "لايزال هناك 10 صحفيين مختطفين لدى مليشيا الحوثي، أربعة منهم صدرت بحقهم أحكام جائرة بالإعدام، هم؛ عبدالخالق عمران، توفيق المنصوري، أكرم الوليدي، حارث حميد، وأوقفت الجماعة إجراءات محاكمتهم، وتصرّ على المساومة بقضيتهم، وإخضاعهم لعملية تبادل المختطفين والأسرى، في خطوة ترفضها نقابة الصحفيين، وتطالب بسرعة الإفراج عنهم، ومعاقبة كل من تسبب بمعاناتهم التي تدخل عامها السابع.
وفي وقت سابق، قالت منظمة العفو الدولية إن الاحتجاز التعسفي للصحفيين، طوال هذه السنوات، على أيدي مليشيا الحوثي "مؤشر قاتم للحالة الأليمة التي تواجهها حرية الإعلام في اليمن، وهو تذكير مروّع بالمناخ الإعلامي القمعي الذي يواجهه الصحفيون اليمنيون، وطالبت بالإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط".
وقال المركز الأمريكي للعدالة في بيانه: "إزاء الحرب المستمرة ضد الصحافة والصحفيين، وبواعث استهدافهم بتلك الصور المرعبة، فإن التحقيق في جميع تلك الاعتداءات ومُلاحقة الجُناة بفضل نظام محلي للعدالة الجنائية يتسم بالفعالية وحسن الأداء هما أمران ضروريان، ناهيك عن جبر الضرر اللاحق بالضحايا".
وشدد المركز على وضع حدٍ للإفلات من العقاب على جرائم القتل والانتهاكات ضد الصحفيين، كما شدد على إطلاق سراح جميع الصحفيين المختطفين والمخفيين قسراً من سجون جميع الأطراف في عموم البلاد، وعلى رأسهم الأربعة الصحفيين الذين أصدرت مليشيا الحوثي أوامر بإعدامهم، والكشف عن مصير وحيد الصوفي المخفي قسراً لدى المليشيا.