في حوارية "استديو الديمقراطية" عن الحكم المحلي في اليمن ماله وماعليه.. إجماع على أن اللامركزية السياسية هي المخرج الوحيد للبلد من أزماته ، وضرورة إعادة التقسيم العادل للثروة والسلطة ؟
أقامت منظمة صحفيات بلا قيود حلقة حوارية بعنوان "الحكم المحلي في اليمن ماله وما عليه" ضمن سلسلة حلقات حوارية تلفزيونية وفي إطار البرنامج السنوي لـ"استديو الديمقراطية" بالتعاون مع الهيئة الوطنية لدعم الديمقراطية (NED).
واستضاف "استديو الديمقراطية" كلا من الأمين العام لحزب الرابطة محسن بن فريد، ورئيس لجنة الحقوق والحريات في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الدكتور محمد المخلافي، والاستاذ المساعد في كلية الشريعة والقانون - استاذ مادة الحكم المحلي الدكتورة إلهام المتوكل وعدد من الضيوف.
وأكد المشاركون على ضرورة وحتمية تغيير شكل ومضمون نظام الحكم بما يكفل إعادة تقسيم الثروة والسلطة بما يحافظ على أسس وقواعد بقاء الوحدة الوطنية.
وأشار الدكتور محمد المخلافي إلى أن هناك شرخ وانقسام جهوي يوجب على صانعي القرار إتخاذ حلول حقيقية وعاجلة لأن هذا الشرخ سيؤدي حتما إلى انهيار مقومات الدولة إن لم يتم التعامل معه بشكل صحيح وليس بالشتم، لافتا إلى أن مختلف الأحزاب كانت قد قدمت مبادرات حلول في إطار حكم محلي كامل الصلاحيات وفي ظل دولة بسيطة موحدة إلا أن إهمال المشكلة في وقتها السابق أصبح يوجب اتخاذ حلول أخرى تتناسب مع حجم اتساعها.
وقال المخلافي إن أي حوار يجب ان يطرح فيه كل الحلول المطروحة ولا يستبعد أي رأي لأن استبعاد ذلك يعني مسبقا استبعاد جهة أو طرف معين ونحن جميعا شركاء في المشكلة ويجب أن نكون جميعا شركاء في الحل، معتقدا أن كثير من الأطراف ستفضل النظام الفيدرالي بسبب فشل النظام المركزي الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه.
من جهتها دعت الدكتورة إلهام المتوكل إلى حكم محلي يمكن الناس من إدارة شئونهم الخاصة ومواردهم بعيدا عن المركز معتبرة ذلك هو التنفيذ الحقيقي لجوهر الديموقراطية ومبدأ المشاركة الشعبية معتبرة أن العجز عن توفير صلاحيات ديموقراطية للإدارة لا تخل بالعمل السياسي يعني العجز عن توفير الديموقراطية.
في حين شدد محسن بن فريد على أهمية إيجاد مخرج سياسي للمشكلة السياسية القائمة والتي تطور نفسها باستمرار وكما أصبحت اليوم عصية على حلول الأمس فإنها في الغد ستكون عصية على حلول اليوم، مشيرا إلى أن حزب الرابطة على الرغم مما يعانيه من إقصاء إلا أنه قدم ثلاث مبادرات سياسية كانت الأولى في سبعة وتسعين لمعالجة آثار حرب 1994 والثانية في 2005 وتجاوزهما الزمن والمتغيرات فقدم الحزب المبادرة الثالثة في 2008 وتضمنت مقترحات للتقسيم الفيدرالي بما يحافظ على الوحدة غير أن الحزب في كل مرة لا يجد تجاوبا حقيقيا وجديا من قبل السلطة الأمر الذي يجعل من الوضع يسير من سيء إلى أسوأ.
وقال بن فريد إن النظام الفيدرالي لا يعني أي شكل من أشكال الانفصال كما لا يحرم أي منطقة من الحصول على الثروة وكذلك السلطة حيث يمكن الاتفاق على شكل معين من أشكال توزيع الثروات المحلية والثروات السيادية بحيث لا يكون هناك غبن لأي منطقة، لافتا إلى أن المناطق التي تعاني من شحة في الموارد الطبيعية والمادية لديها وفرة في الموارد البشرية وهي الأهم وبهذا يمكن إعادة توزيع الثورة بشكل متعادل.
واعتبر بن فريد أن تنفيذ أي اتفاق يمكن التوصل إليه لن يكون بالأمر السهل لأن كل الحلول المطروحة بحاجة إلى كوادر وكفاءات لتنفيذها لم تعمل هذه السلطة على توفيرها لأن من لا يؤمن بشيء لا يمكن أن يجتهد في سبيل توفير شروط نجاحه لكن علينا أولا أن نتفق على حل.
إلى ذلك قال عضو مجلس النواب سلطان السامعي إن ما يسمى في اليمن بالحكم المحلي أو المجالس المحلية هو مسخ للحكم المحلي وهو نوع من الأكاذيب وألاعيب التي تجيده السلطة في هذه البلاد, وحقيقة الأمر أن السلطة لم تعط أي صلاحيات للمسئولين التنفيذيين إلا صلاحيات إشرافية وسياسية والواقع أن المجالس المحلية ما هي إلا عملية الهاء للشعب الذي حرم من المشاركة الحقيقية في سلطة القرار والثروة.
وحذر النائب سلطان السامعي من أن كل الحروب في التأريخ كانت بسبب الصراع على السلطة أو الثروة أعليهما معا وأن علينا في كل الأطراف أن نستفيد من التأريخ ولا نكرر أخطاءه.
من جانبها قالت الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني وعضو المجلس المحلي السابق عن محافظة عدن جوهرة حمود، إن قانون السلطة المحلية ولائحته التنفيذية التى بدأ العمل بها في 2001م كان مشروع طموح ولكن للأسف لم تنجح هذه التجربة في اليمن بسبب طبيعة السلطة التى تحكم اليمن بعقلية متسلطة ومتحكمة في كل شيء بدءا بدار الرئاسة وانتهاء بأبسط مديرية.
وأضافت جوهرة حمود "وبرغم أن المجالس المحلية فيها الكثير من الأعضاء ذوي الخبرة والكفاءة إلا أنهم مقيدين وعضو المجلس المحلي ليست له أي صلاحيات حقيقية والمحافظ لا يستطيع أن يفرض على مدير الأمن أي قضية لأنه أصلا لا يعترف بسلطة أعضاء السلطة المحلية مضيفا هناك قضيتان لا يجوز لعضو المجلس المحلي الاقتراب منها وهما المال والأمن.
وأشارت إلى أن المحافظات لا تستطيع الاستفادة من مواردها التي توردها للمركز ولو أنه تحقق القليل من الصلاحيات لا نقول واسعة أو كاملة الصلاحيات لكان قدم للسلطة الكثير من الخدمات التى من شانها أن تصلح الوضع وتساهم في تنمية هذا البلد بينما قال المحامي علي هزازي الباحث في مجال القانون الدولي أن الدولة هي أداة عقلنة المجتمع، موضحة أن دولة القانون لها شروط منها وجود دستور وقانون واحتكام الإدارة للقانون والحقوق والحريات وهو مانفتقده في الحالة اليمنية وبالتالي فإن أي حديث عن ديموقراطية أو مشاركة ليس سوى شكل من المخادعة ورمي الفتات للجمهور بينما تضل خيوط اللعبة في يد الحاكم.
وبينت جوهرة حمود أن كل ما حدث مما يسمى باتساع الهامش الديموقراطي كان نتاج صفقات على مستوى النخبة أو تغيرات في السياسة العالمية وليس بسبب نضج الجمهور وهو مايعني أن بإمكان المعطي أن يأخذ هبته في أي وقت ما لم يكن هناك مجتمع واعي يفرض هذا التطور ويدافع عنه.
بينما أشار الناشط السياسي علي جباري إلى أنه يعتقد أن الأمور تتطور في اتجاهها الصحيح وأن كل ما يحدث هو علامات صحية وأن هناك حركة تطور ملحوظة مع بطء شديد وأن كل ثمرة تأتي في وقتها.